تعريفات ترمب- ردود فعل متباينة وتوتر العلاقات التجارية مع الحلفاء.

المؤلف: محمد صديق (القاهرة)08.23.2025
تعريفات ترمب- ردود فعل متباينة وتوتر العلاقات التجارية مع الحلفاء.

في رد فعل غاضب ومباشر، أعرب كل من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، اللذان يعتبران من بين أبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، عن رفضهما القاطع لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية باهظة تصل إلى 30% على السلع المستوردة من بلديهما، وذلك اعتبارًا من 1 أغسطس 2025. ووصفا هذا الإجراء بأنه يفتقر إلى العدالة ويتسبب في حالة من الارتباك الشديد.

وأفادت وكالة الأنباء "رويترز" بأن كلا الطرفين قد أكدا التزامهما بمواصلة الحوار والمفاوضات مع الجانب الأمريكي في واشنطن، بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري متكامل وشامل قبل حلول الموعد النهائي المحدد.

وأبدت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم تفاؤلها بإمكانية تحقيق هذا الاتفاق، حيث صرحت خلال مشاركتها في فعالية بولاية سونورا قائلة: "في مثل هذه الظروف والتحديات، يجب علينا التمسك بالهدوء والاتزان لمواجهة أي صعوبات محتملة".

وأضافت الرئيسة المكسيكية: "لدينا رؤية واضحة ومحددة بشأن المجالات التي يمكننا التعاون فيها مع الولايات المتحدة، والمجالات التي لا يمكننا المساومة أو التفاوض بشأنها. وهناك مبدأ أساسي لا يمكن التنازل عنه أو المساس به على الإطلاق، وهو سيادة بلادنا".

وفي سياق متصل، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسائل مماثلة إلى 23 شريكًا تجاريًا آخر، تشمل دولًا مثل كندا واليابان والبرازيل، حيث حدد رسومًا جمركية تتراوح ما بين 20% و50%. بالإضافة إلى ذلك، فرض تعريفة جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس.

وأوضح ترمب أن التعريفة الجمركية الجديدة بنسبة 30% منفصلة بشكل كامل عن التعريفات القطاعية القائمة، مؤكدًا أن الرسوم المفروضة على الصلب والألمنيوم ستبقى عند مستوى 50%، بينما ستبقى الرسوم على السيارات عند مستوى 25%.

ويمنح الموعد النهائي المحدد في الأول من أغسطس الدول المستهدفة فرصة سانحة للتفاوض وعقد اتفاقيات من شأنها تخفيض هذه التعريفات الجمركية الجديدة.

وأشار بعض المستثمرين والاقتصاديين إلى أن الرئيس ترمب قد يتراجع عن تهديداته هذه، كما فعل في مناسبات مماثلة سابقة. ففي شهر أبريل الماضي، أعلن عن تعريفات جمركية مماثلة أثرت بشكل كبير على الأسواق، قبل أن تقوم إدارته بتأجيل تنفيذها.

من جانبها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن التعريفات الجمركية الجديدة سيكون لها تأثير سلبي بالغ على سلاسل التوريد عبر الأطلسي، مما سيضر بالشركات والمستهلكين والمرضى على جانبي المحيط.

وأضافت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي سيواصل جهوده الدؤوبة للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل ومتكامل، لكنه في الوقت نفسه مستعد لاتخاذ تدابير وإجراءات متناسبة لحماية مصالحه إذا لزم الأمر.

وفي المكسيك، أعربت وزارة الاقتصاد عن استيائها الشديد إزاء هذه التعريفات الجمركية، واصفة إياها بالمعاملة غير العادلة خلال اجتماع مع مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى.

وتجدر الإشارة إلى أن التعريفة الجمركية المفروضة على المكسيك (30%) تعتبر أقل من تلك المفروضة على كندا (35%)، على الرغم من اتهامات ترمب المتكررة للمكسيك بعدم السيطرة الكافية على تجارة المخدرات غير المشروعة، بما في ذلك الفنتانيل، الذي تشير البيانات الحكومية إلى أن معظمه يأتي عبر الحدود المكسيكية وليس الكندية.

وتعد المكسيك الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة في عام 2023، حيث يتم إرسال أكثر من 80% من صادراتها إلى الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، يسعى الاتحاد الأوروبي جاهدًا للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة، لكنه قلّص طموحاته مؤخرًا إلى إطار عام مشابه لما توصلت إليه بريطانيا.

وتواجه المفاوضات ضغوطًا متباينة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تحث ألمانيا على التوصل إلى اتفاق سريع لحماية صناعتها الوطنية، بينما ترفض دول مثل فرنسا الخضوع لشروط أمريكية أحادية الجانب.

وقال رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانج: "هذه التعريفات الجمركية بمثابة صفعة قوية للمفاوضات، وهي ليست الطريقة المثلى للتعامل مع شريك تجاري رئيسي".

وأشار خبراء ومحللون إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى ردود فعل انتقامية من جانب الاتحاد الأوروبي، على غرار ما حدث في التوترات التجارية السابقة بين الولايات المتحدة والصين.

ومن المتوقع أن تولد التعريفات الجمركية الجديدة إيرادات شهرية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات للخزانة الأمريكية، حيث تجاوزت عائدات الجمارك 100 مليار دولار في السنة المالية حتى شهر يونيو الماضي، وفقًا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية.

ومع ذلك، فقد أدت هذه السياسات إلى زيادة حدة التوترات الدبلوماسية مع حلفاء الولايات المتحدة المقربين، حيث أعرب رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا عن ضرورة تقليل الاعتماد على واشنطن، بينما بدأت كندا وبعض الدول الأوروبية في إعادة تقييم اعتمادها الأمني على الولايات المتحدة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة